As Safir Logo
المصدر:

العبيد او اللوتس الاحمر الميت راجعه ( سليمان الشيخ )

المؤلف: كنفاني غسان التاريخ: 1997-11-07 رقم العدد:7842

من بين الأعمال الإبداعية التي لم تُنشر للشهيد الأديب غسان كنفاني، نشير الى رواية »اللوتس الأحمر الميت« حسب ما جاء العنوان في أوراقه التي أشارت إليها لجنة تخليده التي تكوّنت بعد استشهاده في بيروت، أو »العبيد« حسب ما تم نشر الرواية في مجلة »الطليعة« الكويتية مسلسلة سنة 1963 (اعتبارا من العدد 32 المؤرخ في 25/5/1963 واستمر نشرها حتى العدد رقم 48 المؤرخ في 11/9/1963). وقد أشرت في كتاب »ما لم يُعرف من أدب غسان كنفاني« الصادر في الكويت سنة 1986 الى ان الرواية واحدة على الرغم من اختلاف العنوانين. وتولت لجنة تخليد غسان كنفاني ودار الطليعة للطباعة والنشر، ومؤسسة الأبحاث العربية ومؤسسة غسان كنفاني الثقافية، نشر وإعادة نشر أعمال الشهيد بعد استشهاده، لكن الرواية المشار إليها لم تكن بين الأعمال المنشورة، بخلاف ما حصل مع رواية »الشيء الآخر أو من قتل ليلى الحايك « البوليسية التي نُشرت ضمن سلسلة أعمال غسان كنفاني التي بدأت بنشرها مؤسسة الأبحاث العربية اعتباراً من سنة 1980، وقد حملت الرواية الرقم 5 ضمن أعمال السلسلة. العمل الأول فما الذي حال دون نشر رواية »العبيد أو اللوتس الأحمر الميت« مع أن الترجيحات تشير الى أنها الرواية الأولى التي كتبها غسان (سنة 1961)، أي قبل رواية »رجال في الشمس«؟ صحيح ان لجان التخليد يمكن أن تغربل الأعمال وتضع جدول أولويات في النشر، لكنها في النهاية يهمها نشر كل ما تركه الراحلون بغض النظر عن رأيها في الأعمال، لأن الأمانة والصدق وتقديم الأعمال كما هي (وثائق أدبية) تقتضي النشر ومتابعته. إلا أن الزمن طال، وتفرق أعضاء لجنة التخليد، أو ربما تُوفي بعضهم، ومضى ما يزيد على خمسة عشر عاما على ما بدأت مؤسسة الأبحاث العربية من نشر وإعادة نشر أعمال الشهيد. مع ذلك فإن الرواية المشار إليها بقيت من دون نشر مع غيرها من أعمال قليلة على الرغم من ذكر المؤسسة للتالي: »في إطار هذه السلسلة سلسلة أعمال غسان كنفاني ، تقوم مؤسسة الأبحاث العربية، بنشر وإعادة نشر جميع أعمال غسان كنفاني، وستشمل السلسلة الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات والدراسات الأدبية والسياسية والنقدية، كما ستهتم بنشر أهم الدراسات النقدية والأكاديمية التي تناولت إنتاج غسان كنفاني منذ استشهاده حتى اليوم، وتضم هذه السلسلة أيضا أعمالا لم تنشر سابقا وأعمالا لم تظهر في طبعات إفرادية«. فلماذا لم تُنشر الرواية، مع أنها الرواية الأولى لغسان على الأرجح ؟ قد يقول قائل انها ربما بسبب ذلك لم يتم نشرها. أي أن غسان كان يحاول من خلالها خط أولى تجاربه الروائية، لذا فإنه لم ينشرها في حياته لكونه أخذ يتجاوزها من الناحية الفنية والمضمونية في تجاربه اللاحقة. لكن رواية »الشيء الآخر أو من قتل ليلى الحايك « نشرتها مؤسسة الأبحاث العربية سنة 1980، بعد أن كان غسان قد نشرها مسلسلة في مجلة الحوادث سنة 1966، مع أن الرواية بوليسية كما ذكرنا! صحيح أنها تعتبر فريدة ووحيدة من بين أعمال غسان كنفاني التي تحمل هذا الطابع، مع ذلك فإنها من الناحية الفنية والمضمونية لا تصل الى مصاف أعمال غسان الأخرى. فهل رواية »العبيد أو اللوتس الأحمر الميت« فيها بعض مواصفات رواية »الشيء الآخر«؟. وهل أصبحت تتخلف كلما مضى الزمن عن إبداعات غسان اللاحقة، لذا فإنه لم ينشرها في حياته؟ قد يكون في ذلك بعض الحقيقة، هذا بالنسبة الى غسان نفسه، لكن ما الذي حال دون نشر الرواية من قبل لجنة التخليد والدار التي بشرت بأنها ستعيد نشر كل أعمال غسان كنفاني ضمن ما يسمى »سلسلة أعمال غسان كنفاني«؟ المناسب وغير المناسب لقد سمعت جوابا من مصادر قريبة من دار النشر المشار إليها آنفا، بصيغة سؤال: وهل من المناسب نشر رواية »العبيد أو اللوتس الأحمر الميت« في هذه الظروف؟ أي ظروف الهزائم والنكبات على الأمة ونضالاتها. إذا كان الأمر كذلك، فلنحاول امتحان هذه الفرضية، ولنستعرض ما خطه غسان في مقدمته للرواية اعتبارا من الرقم 45 من المجلة تلخيصا للرواية، حيث ذكر »هشام شاب ضائع يبحث عن نفسه من خلال الكأس والليل و... إيفا، ويعتبر فترة التدريس التي عاشها في دبي يراسل »ليلى« بحكايات حب جميلة، قد انتهت بعودته من دبي، فيعيش كما يريد دون أن يلتقي حتى بإخوته العائشين في المدينة نفسها. وعدنان شاب نضالي صديق هشام، يحاول أن يوضح الحقيقة أمام هشام، حقيقة الضياع الذي يعيشه مع الليل وإيفا، وحقيقة مرض القلب الذي يعاني منه، وحقيقة انطلاقه كالمجنون نحو ميناء الموت. ويصر هشام على الزواج من إيفا التي تصده بقوة فهي لا تملك مقوّمات الحب. فيوم وطأت أقدام الحلفاء أرض وطنها، وطأتها أجسام جنود الحلفاء أيضا، وأفرغت فيها قاذوراتها كما أفرغ جندي عددا من الرصاص في ظهر شقيقها الصغير أمامها. ثم يطلب هشام من إيفا أن تزوره في غرفته، ولكن مريم (زميلتها) تزوره بدلاً منها، وتصرح له بأن إيفا لن تحبه، لأنها تحب زوجها هي، وأنها أي مريم كانت تظن أن بإمكانه أن يساعدها، ولكن ظنها فيه خاب. وبعدها بدأ هشام يراجع نفسه بعد أن رأى رجلاً عجوزا معلقا في غرفته منتحرا، بعد أن صرف عمره على أولاده الذين تنكروا له في شيخوخته. وبدأ يفكر بالعودة الى العمل في التدريس، وعاد الى الفندق، فقال له زميله في الغرفة: لقد مات الخضري، وناوله ورقة مطوية بها عنوان تاجر يفتش عن كاتب ليعمل عنده، فيذهب هشام الى دكان التاجر ويتفق معه على أن يبدأ العمل عنده بعد ثلاثة أيام، ولكنه لا يفعل، ثم يلتقي في طريقه الى الفندق بصديقه عدنان الذي يسأله عن حاله وإيفا، وهل ما زال يحبها، ويطلب منه أن يعود إليهم ويتخلى عن فلسفته وسخف حياته. إلا أن هشام يكون مسوقا إلى نهايته الفاجعة.. الموت«. صحيح ان الرواية تسجل لحياة بطل سلبي وهروبي وعبثي، إلا أنها في الوقت ذاته تسجل نقيض ذلك، أي للبطل الإيجابي الملتزم بالنضال. والأهم من ذلك ان الرواية في النهاية تدين نهج العبث الهروبي من خلال موت هشام. لذا فإن حجة ان مضمون الرواية يتناقض مع ما استشهد من أجله غسان غير دقيق، بل غير صحيح. وإذاً إن عدم متابعة نشر بقية أعمال غسان، ومنها رواية »العبيد أو اللوتس الأحمر الميت« ربما يعود إلى أسباب فنية وتمويلية تتعلق بالمؤسسة الناشرة ذاتها، خصوصاً أنها كانت من أنشط دور النشر في نشر وترجمة الأعمال الروائية والقصصية العالمية والعربية، ليتراجع نشاطها في الفترة الأخيرة الى درجة عدم الذكر في مجال الاصدارات الجديدة، وهذا ما يمكن أن توضحه الدار إذا ما ارتأت التوضيح. وسؤالنا هنا: ألا يمكن أن تتولى مؤسسة غسان كنفاني الثقافية هذه المهمة، خصوصا ان ما تبقى من أعمال لم تنشر في كتاب لغسان قليلة جدا. و.. سقوط الجليل أيضاً! ملحوظة أخيرة، ما دمنا قد فتحنا سيرة نشر أو عدم نشر بعض أعمال غسان كنفاني، فإنني أشير الى الأمر التالي: لقد ورد في نهاية رواية »ما تبقى لكم« الطبعة الأولى الصادرة عن دار الطليعة في بيروت سنة 1966، وضمن الأعمال التي ستصدر لغسان قريبا حسب ما جاء في صفحة 79، رواية طويلة بعنوان »سقوط الجليل«. فهل توجد هذه الرواية فعلا بين أوراق غسان، خصوصا انه كان يأتي على ذكرها في بعض أحاديثه الصحافية والخاصة، أم أنها كانت مشروعاً كتب منه بعض الأوراق ولم يستطع إتمامها، وكانت أقل في عدد أوراقها من روايات: العاشق، والأعمى والأطرش، وبرقوق نيسان، وهي روايات نُشرت ضمن أعماله الكاملة، مع أنها غير تامة؟

البحث في الأرشيف الكامل لجريدة "السفير" safir small logo

الكلمات الدالة