يتطلع أهالي بلدة طربيخا الحدودية، التي تحرر قسم ضئيل من أراضيها عام 2000، إلى إعادة إعمار قريتهم التي فصلها الاستعمار الإنكليزي عام 1926 عن أراضي الجمهورية اللبنانية وضمها إلى أراضي فلسطين قسراً، ليحتلها الإسرائيليون لاحقاً عام 1948 مع ست قرى لبنانية أخرى هي: صلحة، هونين، المالكية، إبل القمح، النبي يوشع وقدس. طربيخا التي تقع ضمن القرى السبع تتبع وحدها قضاء صور، فيما تتوزع القرى الست الأخرى على قضاءي بنت جبيل ومرجعيون. وقد حصل أهالي طربيخا على جنسيات لبنانية بموجب المرسوم رقم 5247 تاريخ 20/6/1994، فيما أسقط هذا الحق عن نحو ثمانين عائلة، بما يعادل ثلاثمئة وخمسين مواطناً لأسباب »سياسية وطائفية وتقنية«، في وقت لا يزال أهالي البلدة يعانون من مشكلات لا تحصى على صعيد معاملات القيد والنفوس، حيث يتوزع أفراد العائلة الواحدة على سجلات نفوس أكثر من قرية وبلدة؛ ويواجه المواليد الجدد مشكلة الهوية والزوجات مشكلة الجنسية. في 28 كانون الأول الماضي حصلت بلدة طربيخا على موافقة مجلس النواب لاستحداث قرية على الجزء المحرر من أراضي البلدة، التي تبلغ مساحتها 2000 دونم من أصل 38 ألف دونم هي المساحة الإجمالية. ويوضح رئيس لجنة الأرض في طربيخا سلامة يوسف »أنه بعد التحرير مباشرة عملنا على إظهار حدود البلدة العقارية، التي تشكل وحدة عقارية متكاملة ومتصلة مع بلدات أخرى هي: البستان، مروحين وراميا. وأحضرنا مهندساً مساحاً بتكليف من أهالي البلدة، قام بوضع مصور هندسي جغرافي لتلك الأراضي مستنداً الى خرائط الشؤون العقارية اللبنانية. وصادق على هذا المصور مخاتير القرى المجاورة، إضافة إلى قائمقام صور، ولفت إلى أن هذه الخطوة ترافقت مع تقديم طلب باسم جمعية طربيخا والأهالي إلى رئيس مجلس النواب، تناشده فيه العمل على إصدار مشروع قانون إنشاء بلدة طربيخا على أراضيها، وضمها إلى منطقة صور العقارية، كما كانت سابقاً في حقبات تاريخية مختلفة. وقد وافق المجلس النيابي على طلبنا على أن يتم تحويل المشروع إلى مجلس الوزراء وبعدها إلى وزارة الداخلية، التي تناط بها وحدها مسؤولية إعطائنا مرسوم وحدة قيد، على غرار أهالي القرى اللبنانية الأخرى. ويعتبر رئيس جمعية طربيخا نمر سليمان »أن موافقة مجلس النواب على طلبنا باستحداث قرية، هو خطوة أولى على طريق لم شمل أهالي البلدة، الذين تشتتوا بين القرى الجنوبية وخصوصا المعشوق والإسماعية وعدلون والمناطق الأخرى والمهجر«. يضيف: نحن نضع أولويات على جدول أعمالنا لننهض بالبلدة وفي مقدمة اهتمامنا العودة إلى الحاضرة اللبنانية، التي تشكل امتداداً تاريخياً وجغرافياً لنا، وإعادة إعمار البلدة من خلال بناء وحدات سكنية للأهالي، إضافة إلى السعي الحثيث من أجل إعطاء العائلات التي أسقطت أسماؤها من مرسوم التجنيس الجنسية اللبنانية كحق مشروع لها. ويؤكد ابن البلدة المربي غازي رحيل »أن الطعن الذي تقدمت به الرابطة المارونية لحرماننا من الجنسية غير جائز، فنحن مع تصحيح أي خطأ وإسقاط الجنسية عن كل من لا يستحقها ويريدها زوراً، لكننا متمسكون بها وبلبنانيتنا لأننا لبنانيون أصليون أباً عن جد، وكل الوثائق التاريخية تشهد على ذلك«. ويلفت إلى أن الطعن »تسبب بمشكلات كثيرة وعوائق نواجهها في حياتنا اليومية على صعيد المهن والدوائر الرسمية وحقوقنا في أكثر من قطاع كلبنانيين«. ويلفت رحيل إلى حاجة البلدة إلى مبالغ »تصل إلى أربعين مليار ليرة من أجل إعمار نحو تسعمئة وحدة سكنية، حسب الدراسات التي أجريناها؛ وتأسيس البنى التحتية الضرورية«، مشيراً إلى أن جمعية طربيخا وأهالي البلدة تقدموا بطلب إلى مجلس الجنوب من أجل إعادة الإعمار »على أن نقدم طلبات مماثلة إلى دول شقيقة داعمة كالكويت والإمارات وغيرها لمساعدتنا على النهوض بالبلدة من جديد«. ويؤكد أن الوحدات السكنية ستكون مدروسة ومنظمة لتتسع لغالبية السكان، خاصة أن فكرة العودة هي هاجس وحلم الجميع الذين يتوقون حنيناً إلى منزل في قريتهم ولو كانت لا تزال معظمها محتلة. ويقول حسن الناصر »أن حرماننا من الجنسية اللبنانية لا يحرمنا فقط من هويتنا بل وأيضا من رؤية وملامسة أرض بلدتنا، فالفلسطيني ممنوع من عبور المناطق الحدودية وأكثر من مرة تم توقيفنا من قبل الجيش اللبناني أثناء توجهنا لمشاهدة البلدة، كوننا لا نحمل إخراج قيد لبنانياً. كما حرم أكثر من مئة متعاقد من أبناء البلدة في التعليم من مهنتهم بذريعة الطعن بجنسيتهم. ويضيف: نحن نتطلع إلى وحدة مجتمعنا من خلال إعادة إعمار البلدة وليس فقط وحدة قيدنا، فأهالي طربيخا مشتتون بين القرى ولا يتمتعون بالروابط الاجتماعية والأسرية التي تربط أهالي كل قرية ببعضهم البعض، لافتاً إلى أن أولى الخطوات التي ستقوم بها الجمعية هي بناء ملتقيات في البلدة كالنادي والحسينية لجمع الشمل والتواصل من جديد بين أبناء البلدة الواحدة. ويؤكد عبد المنعم رحيل تمسك أهالي طربيخا بكل شبر من أرضهم. ويدعو إلى عدم إطلاق أي اسم على الأراضي الواقعة في محيط بوابة طربيخا، التي تفصل بين أراضي البلدة المحتلة والمحررة وتقع في قلب عقارات طربيخا، لأنها أباً عن جد هي أراض الجمهورية اللبنانية ولن يصعب علينا إعادة إعمارها أمام إصرارنا وإبقاء القرية حية في ذهن أولادنا والأجيال القادمة.