وفي اليوم السادس عشر، توقفت القوات الأميركية الغازية في مطار صدام الدولي، حيث المعارك كانت أمس لا تزال متواصلة، ودفعت بتعزيزات جديدة إلى المنطقة استعدادا لفتح المعركة الكبرى، فيما توعدت بغداد بسحق الغزاة ب»أساليب غير تقليدية« تجلت بعملية استشهادية نفذتها فدائيتان عراقيتان في شمالي غربي البلاد أوقعت ثلاثة قتلى أميركيين. وتكهّن قائد القوات البريطانية في الخليج الجنرال الطيار بريان بوريدج بأن »الأساليب غير التقليدية« التي تحدث عنها وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف قد تتمثل في إرسال »حشود بشرية« من المدنيين لمحاولة استعادة مطار بغداد. ورأى بوريدج ان الهجوم غير التقليدي قد يعني شيئين: إما هجوم كيميائي أو بيولوجي (...) وهذا ما قد يتسبّب بنتائج خطيرة جداً على النظام العراقي، والشيء الثاني هو ان يستخدم النظام »حشودا بشرية وقد شاهدنا مؤشرات الليلة الماضية تدل على وجود مكبرات للصوت في بغداد تدعو الناس للانتفاضة والزحف الى المطار«. جاء ذلك في وقت عرض فيه التلفزيون العراقي صورا للرئيس صدام حسين وهو يتجول، مشيا على الأقدام، في شوارع العاصمة العراقية بعد ساعات فقط على خطاب وجهه، عبر التلفزيون أيضا، إلى الشعب العراقي دعا فيه أهل بغداد إلى المقاومة وضرب كل من »يتجاسر« على الاقتراب منها، واعدا العراقيين بالنصر. في هذا الوقت، يسعى وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد لإقناع الرئيس جورج بوش بتشكيل حكومة أو سلطة عراقية مؤقتة مؤلفة من عراقيين معارضين في الخارج وبعض قادة القبائل وشخصيات شيعية وكردية، يؤكد مسؤولو البنتاغون أنها ستعترف بإسرائيل، لكي تسيطر على بعض المرافق الحيوية في البلاد، حتى قبل احتلال بغداد أو التخلص نهائيا من نظام صدام حسين. وليس من الواضح، حتى الآن، وفقا لبعض التصريحات الرسمية وتسريبات من مسؤولين حكوميين لبعض الصحف، ما إذا كانت مقترحات رامسفيلد التي قدمها في مذكرات إلى بوش، تمثل خطة متكاملة من وزارة الدفاع أم مجرد مقترحات، من المتوقع أن تواجهها مقترحات مختلفة، وربما متناقضة إلى حد كبير معها، من وزير الخارجية كولن باول الذي يسعى لإعطاء الأمم المتحدة دورا أكبر في عراق ما بعد صدام. صدام في شوارع بغداد ونقل التلفزيون العراقي أمس صورا ظهر فيها الرئيس العراقي صدام حسين وهو يتجول مشيا على الأقدام في حي المنصور في العاصمة العراقية بينما أحاط به عدد من العراقيين وهم يهتفون له. وهي أول لقطات تصور للرئيس العراقي في مكان عام منذ بدء العدوان في 20 آذار الماضي. وبدا الرئيس صدام حسين في الصور يرتدي بزة عسكرية ويعتمر قبعة سوداء بينما أحاط به حشد كان يهتف »بالروح بالدم نفديك يا صدام«. وقد نزل الرئيس العراقي من سيارة زرقاء اللون مفاجئا الناس الموجودين في الشارع الذين صفقوا له بحرارة. وتجول صدام، الذي بدا مبتسما ومرتاحا وهو يرتدي الزي العسكري ومحاطا بحراس شخصيين، في ساحة اللقاء في المنصور، فيما لاقاه عشرات العراقيين الذين تفاجأوا برؤيته. وقام بعضهم بتقبيل يده فيما قام آخرون بمعانقته، وسط هتافات التأييد له. وناداه آخرون باسم »ابو عدي« فيما رفع الرئيس العراقي يده محييا. وبدا سكرتيره الخاص عابد حمود ملتصقا به، فيما سمح الحراس الشخصيون المجهزون بالرشاشات للحشد بالاقتراب من الرئيس العراقي. عملية استشهادية وأعلنت وكالة الأنباء العراقية الرسمية أمس ان الانفجار الذي استهدف حاجزا للقوات الأميركية في شمالي غربي بغداد وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين هو عملية استشهادية قامت بها امرأتان عراقيتان، نور الشمري ووداد جميل، عرض التلفزيون العراقي صورا لهما بينما كانتا تقسمان على الشهادة دفاعا عن العراق وصدام حسين. وكانت القيادة الوسطى الأميركية أعلنت في بيان ان الهجوم أدى الى مقتل ثلاثة جنود أميركيين علاوة على منفذيها وهما عراقي وعراقية في حديثة على بعد 200 كيلومتر شمالي غربي بغداد. كما أعلن متحدث عسكري أميركي أن جنديين أميركيين قتلا أمس في المعارك التي جرت للاستيلاء على مطار صدام الدولي في جنوبي بغداد، كما قتل ثالث في تدهور الآلية التي كان يستقلها بعد تعرضها لإطلاق نار. وقال العقيد الأميركي ويل غريمسلي ان الجندي الثالث قتل أمس الأول مع صحافي من صحيفة »واشنطن بوست« عندما سقطت الآلية العسكرية التي كانا يستقلانها في قناة بينما كانت تحاول الهرب من نيران عراقية خلال التقدم الأميركي باتجاه مطار بغداد. وأوضح المتحدث ان ضابطا قتل وأصيب سائقه بجروح أمس عندما تعرضت الآلية العسكرية التي كانا يستقلانها للاصابة بقذيفة هاون عراقية خارج المطار، كما قتل رقيب في سلاح الهندسة بالرصاص »خلال محاولة تسلل للعدو« قرب المطار. ولم يكشف عن هوية القتيلين. قمة أميركية بريطانية وأعلن الناطق باسم البيت الأبيض آري فلايشر أمس أن الرئيس الأميركي جورج بوش سيزور بلفاست (ايرلندا الشمالية) الاثنين والثلاثاء المقبلين للقاء رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير. وأوضح ان بوش سيغادر واشنطن الاثنين ويعود إليها الثلاثاء من دون ان يحدد في أي يوم ستعقد القمة الأميركية البريطانية. وأضاف ان »اللقاء سيتمحور حول العمليات في العراق. سيبحثان في تطور العمليات العسكرية والجهود لتوفير المساعدات الانسانية وإعادة الاعمار ودور الامم المتحدة«. باول ودعا وزير الخارجية الأميركي كولن باول فرنسا إلى المصالحة وحدد دور الأمم المتحدة في فترة ما بعد الحرب والمتثمل في المساعدة الانسانية وإعادة الاعمار وإقامة السلطة المدنية، مقترحا تنظيم طاولة مستديرة للقوى العراقية المعارضة. وأكد باول أن »السلطة الانتقالية« التي ستقام في العراق ينبغي أن تضم معارضين في الخارج والداخل أيضا »لكي لا يكون العراق محكوما فقط من قبل شخصيات من الخارج« وإنما من »دون المسؤولين في حزب البعث ونظام (الرئيس العراقي) صدام (حسين)«. ورأى باول ان »من الطبيعي«، كما في وقت سابق، ان »يتحمل قادة الجيش مسؤولية أمن الشعب ووحدة أراضي البلاد«. وقال »هذه ليست بمسؤولية يمكننا أن نوليها إلى أي شخص آخر«. إدارة انتقالية وفي السياق نفسه، قال الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر أمس انه من المبكر اتخاذ قرار حول نظام الإدارة الانتقالية في العراق بعد سقوط صدام حسين، مؤكدا في الوقت عينه انه سيكون للأمم المتحدة دور في ذلك. وأوضح فلايشر »سنواصل مناقشة هذا الموضوع مع حلفائنا، والمناقشات تسير بشكل جيد لكن هذا أمر سيكون للشعب العراقي كلمة يقولها في إطاره«. وأضاف ان »الشعب العراقي سيحكم العراق. سيكون هناك دور للأمم المتحدة وسنواصل مناقشات حول الدور المحدد الذي ستتولاه«. وشدد على أن »البيت الابيض قال على الدوام ان مستقبل العراق سيقرره ناس من الداخل ومن الخارج على حد سواء«. إلى ذلك، وافق الكونغرس الأميركي بمجلسيه على موازنة الحرب التي قدمها الرئيس جورج بوش، باعتماد 78,8 مليارات دولار إضافية لتغطية تكاليف العدوان على العراق وبدء »إعادة إعماره«، في قانون يحرم الشركات الألمانية والفرنسية والروسية والسورية من الفوز بعقود »إعادة الاعمار«، عقابا لدولها بسبب معارضتها الحرب.