As Safir Logo
المصدر:

المفاوضات السورية الإسرائيلية اليوم في شيبردستاون كلينتون يشارك»بعمق«وأولبرايت لا متشائمة ولا متفائلة

القاعة الرئيسيد في المركز الوطني للتدريب على الصيانة في شيبردستاون حيث ستجرى المفاوضات السورية الاسرائيلية
المؤلف: ملحم هشام التاريخ: 2000-01-03 رقم العدد:8491

شبيردستاون (ولاية ويست فيرجينيا) هشام ملحم تبدأ ظهر اليوم في هذه البلدة الصغيرة والتاريخية الجولة الثانية من المفاوضات السورية الإسرائيلية برعاية الرئيس بيل كلينتون، الذي أكدت وزيرة خارجيته مادلين أولبرايت امس انه سيشارك »بالعمق« في المفاوضات، ووسط توقعات بأنها ستكون جولة حاسمة بالنسبة لتقرير ما إذا كان بالإمكان التوصل الى اتفاق بين سوريا وإسرائيل خلال بضعة أشهر كما تأمل الأطراف المعنية، أم ان الخلافات عميقة للغاية وتؤدي الى إيصال الأطراف الى طريق مسدود. وتبين مختلف المؤشرات، ومنها مشاركة عدد من الضباط العسكريين والخبراء في الشؤون القانونية والمائية والطوبوغرافية والاقتصادية وغيرها، ان المفاوضات سوف تتطرق بالتفصيل وبالعمق الى قضايا الحدود والمياه والتدابير الأمنية والتطبيع. ووصل الوفد السوري بقيادة وزير الخارجية فاروق الشرع في السادسة والنصف مساء أمس، الى مطار دالاس وتوجه بعد ذلك الى شبيردستاون، بينما وصل الوفد الاسرائيلي برئاسة رئيس الوزراء إيهود باراك الذي رافقته زوجته نافا، بعده بخمس ساعات. وسوف يصل كلينتون الى هذه البلدة ظهر اليوم لعقد اجتماع مشترك مع الشرع وباراك، ربما في الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي قد تتبعه اجتماعات ثنائية مع كل منهما على حدة، وفق مصادر أميركية رسمية. وأضافت المصادر انه من المتوقع ان تناقش في هذه الاجتماعات توقعات الأطراف من الجولة والبنود الواردة على جدول الأعمال، بالاضافة الى حل ما وصفته المصادر بإحدى النقاط الاجرائية البالغة الأهمية والتي لا تزال معلقة، أي طبيعة الدور الأميركي في هذه الجولة، وما إذا كانت أولبرايت وأعضاء فريق السلام الأميركي سيجلسون إلى طاولة المفاوضات كما جرى خلال مفاوضات بلير هاوس في الشهر الماضي، كما يطالب السوريون، أم سيجلسون في قاعة مجاورة ويكونون جاهزين للتدخل كلما تدعو الضرورة كما يطالب الاسرائيليون. ومع ان الولايات المتحدة لم تحدد تاريخا معينا لإنهاء الجولة، إلا أن المسؤولين يتحدثون عن احتمال استمرارها لحوالى عشرة أيام (مع توقفها ليومين خلال عطلة عيد الفطر في نهاية الأسبوع) وخاصة إذا حدث تقدم ملموس خلال الأيام الأولى. كما لم تستبعد المصادر الأميركية في حال حدوث تقدم، ان يعود باراك الى إسرائيل أو الشرع الى دمشق في زيارات خاطفة لتصريف بعض الأعمال أو للتشاور على ان يعودا الى شبيردستاون لاستئناف القسم الثاني من الجولة. وبالاضافة الى الوزير الشرع ومدير مكتبه سمير القصير، والدكتورة بثينة شعبان التي تسجل محاضر الاجتماعات وتترجم إذا دعت الحاجة، يضم الوفد السوري مستشارين وخبراء في الشؤون القانونية والمائية والعسكرية، من بينهم ابراهيم العمر ويوسف شكور (شؤون أمنية)، ورياض الداوودي (قانوني)، والسفير أحمد عرنوس (شارك في جولات المفاوضات السابقة قبل تعيينه سفيرا في كندا)، وماجد داوود (خبير مائي)، والسفير السابق في واشنطن وليد المعلم، الذي شارك في جميع مراحل المفاوضات منذ مؤتمر مدريد، ومندوب دمشق الدائم في الأمم المتحدة السفير ميخائيل وهبة، والمستشار السياسي للخارجية السورية السفير الأسبق في واشنطن رفيق جويجاتي. ويضم الوفد الاسرائيلي بالاضافة الى باراك، وزير الخارجية ديفيد ليفي، ومنسق المفاوضات مع سوريا داني ياتوم، ورئيس هيئة الأركان السابق الجنرال أمنون ليبكين شاحاك، الذي شارك في المفاوضات الأمنية السابقة مع نظيره السوري العماد أول حكمت الشهابي، بالاضافة الى عدد كبير من المستشارين من بينهم المستشار القانوني الياكيم روبنشتاين. وقسم الإسرائيليون وفدهم الى لجان فرعية هي اللجنة الأمنية ويرأسها الجنرال شلومو يناي وتضم عددا من العسكريين، ولجنة التطبيع ويرأسها زفي شتاوبر، وتضم عددا من الاقتصاديين، ولجنة الحدود ويرأسها المحامي موشي خانوفسكي، ولجنة المياه ويرأسها نوح كينارتي الذي يعتبر من أبرز الخبراء الإسرائيليين في شؤون المياه. ويحمل الإسرائيليون معهم أوراقا وطروحات عديدة في هذه المجالات. وعشية المفاوضات قالت اولبرايت ان حكومتها تتعامل »بعيون مفتوحة مع هذه الفرصة التاريخية الهائلة« التي توفرها هذه المفاوضات على اعلى مستوى حتى الآن بين سوريا واسرائيل. ولكن اولبرايت التي كانت تتحدث الى شبكة التلفزيون (ان. بي. سي) اشارت ايضاً الى ان نجاح هذه المفاوضات الصعبة يتطلب اتخاذ »قرارات مصيرية« ولذلك ليس بالامكان الحديث عن الوقت المطلوب للتوصل الى اتفاق. وتفادت اولبرايت الاجابة عن سؤال حول صحة ما نسب الى كلينتون من انه يمكن التوصل الى اتفاق شامل بين سوريا واسرائيل خلال 90 يوماً. وحول قدرة باراك على »بيع« اتفاق مع سوريا لشعبه في استفتاء عام وخاصة في ما يتعلق بالحقوق في المياه، قالت اولبرايت »من الواضح ان الحقوق المائية هي جزء مهم« من القضايا الاخرى التي ستناقش مثل الانسحاب والتدابير الامنية وطبيعة السلام والجدول الزمني لتطبيق الاتفاق. وللتدليل على ان مختلف هذه المسائل ستبحث بالتفصيل، اضافت »ولذلك فانهم سيجلبون معهم خبراءهم للتحدث حول كل هذه المسائل«. ورأت اولبرايت ان باراك يعرف ما يستطيع ان يحققه، ولذلك فان »هذه المسائل صعبة، وعلى القادة انفسهم اتخاذ القرارات. الولايات المتحدة تستطيع ان تكون الطرف المسهل (للمفاوضات) وسوف اكون هناك في شبيردستاون كل الوقت. وسوف يأتي الرئيس كلما دعت الضرورة، وسوف يكون مشاركاً بالعمق، (كررت الكلمة مرتين) فيها، ونحن نأمل ان نستطيع اغتنام هذه الفرصة التاريخية«. وقالت اولبرايت انها ليست متفائلة وليست متشائمة، ولكنها »مأخودة جداً بكوننا نقوم بعمل تاريخي، وبان الفرصة متوفرة، وبان الرئيس الاسد ورئيس الوزراء باراك مستعدان لاتخاذ القرارات المصيرية«. ولكن اولبرايت استدركت الاشارة من جديد الى صعوبة التحدي، واضافت »ولكنها قرارات صعبة جداً جداً. ولذلك فانني مستعدة لان اشمر عن ساعدي وان اعمل معهما، والاهم من ذلك انهما مستعدان للتشمير عن سواعدهما وان يعملا بجهد لمعالجة هذه المسائل«. وتابعت »علينا ان نكون واقعيين جداً. نحن لا نعرف ما هو الوقت المطلوب لتحقيق ذلك (الاتفاق) واعتقد اننا سنقيم المرحلة التي وصلنا اليها في نهاية الاسبوع، وسوف نواصل العمل، وهذه مسألة بالغة الاهمية ولا يمكن الا ان نعطيها اهتمامنا الكامل«. وفي هذا السياق قال مستشار الامن القومي صاموئيل بيرغر ان اي مساعدات مالية تقدمها واشنطن لاسرائيل وسوريا في اطار تطبيق اي اتفاق سلام يمكن ان يتوصلا اليه، سوف تناقشها الحكومة اولا مع الكونغرس. على صعيد آخر، نظمت وزارة الخارجية الاميركية جولة للصحافيين والمصورين على فندق كلاريون حيث ستقيم الوفود وعلى القاعة التي ستفتتح فيها المفاوضات في National Conservation Training Center قرب الفندق، بالاضافة الى Shepherd College التي ستضم مركز الصحافة المؤقت. الموقف السوري اكدت سوريا (ا.ف.ب، رويترز) امس انها ستصر على انسحاب اسرائيل الكامل من الجولان خلال جولة المفاوضات. وقالت مصادر رسمية ودبلوماسية سورية انه لا يوجد بديل لانسحاب اسرائيل الى خطوط الرابع من حزيران العام 1967 وان القضايا الاخرى مثل المياه والترتيبات الامنية المتكافئة والمتوازنة والجدول الزمني لتنفيذ ذلك هي مواضيع مفتوحة للبحث في اطار القانون الدولي. وقال مسؤول سوري »ان موضوع انسحاب اسرائيل حتى خطوط الرابع من حزيران هو امر محسوم وتم الاتفاق عليه في المفاوضات السابقة وهو غير قابل للمساومة او التفاوض بأي شكل من الاشكال«. واضاف »نأمل ان يظهر باراك نفس الجدية التي اظهرها خلال الاجتماع السابق من اجل التوصل الى نتائج تساهم في اقامة السلام العادل والشامل والدائم في منطقتنا.. انه اختبار حقيقي لنوايا اسرائيل وما اذا كانت قد اتخذت قرارا بإقامة السلام«. الموقف الإسرائيلي اعلن باراك (السفير، ا.ف.ب) قبيل مغادرته الى واشنطن امس ان المفاوضات ستستمر ما بين سبعة الى عشرة ايام. وقال المراسل السياسي للتلفزيون الاسرائيلي ان باراك اكد انه ليس من المستبعد ان تنتهي جولة المفاوضات الراهنة بالاتفاق على وثيقة تفاهم. واشارت مصادر اسرائيلية الى ان المفاوضات ستبدأ حول التطبيع والترتيبات الامنية واذا ما حدث تقدم فسيتم الشروع ببحث قضية الحدود. وقال باراك »في اليوم الثاني من الالفية الجديدة نخرج مبعوثين للشعب كله لجلب الامن والسلام لاسرائيل ونحن نتوقع مفاوضات صعبة وغير بسيطة ولن نوقع على اتفاق لا يعزز امن اسرائيل ومستقبلها«. وقال باراك »لن نوقع الا اتفاقا يؤدي الى سلام الشجعان مع جيراننا، ويجلب النمو والازدهار الى اسرائيل«. وكان باراك قد الغى اجتماعا للمجلس الوزاري المصغر بحجة ضغط الوقت لكنه اجتمع مع المجلس القومي من اجل الجولان والذي يضم شخصيات عامة كانت فاعلة في حزب »العمل« وقد طالب هؤلاء باراك بألا ينسحب من الجولان، غير انه ابلغهم ان »التسوية مع سوريا ستترافق مع الكثير من الآلام والكثير من الاحزان. ولكنني سأسافر بقصد محاولة خلق السلام ولكن ليس بأي ثمن«. وقال باراك انه سيجرى التوصل لاتفاق فقط عندما يصبح واضحا ان سوريا ستتعاون بشكل اوسع وعام وبشكل يرضي إسرائيل في سلسلة من القضايا بينها »الترتيبات الأمنية وموارد المياه... والتطبيع الكامل في العلاقات وفتح سفارات وفتح الحدود وتطبيع العلاقات مع سوريا ولبنان«. واكد انه سيصر على احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على مصادر المياه. ورد ديوان باراك على تصريح مصدر سوري بأن موضوع الحدود مفروغ منه ولا يخضع لأي مفاوضات فقال »ان إسرائيل لم تقدم أي تعهد مسبق بشأن خط الحدود« واشار وزير العدل الإسرائيلي يوسي بيلين الى ان »قضية الانسحاب من الجولان ليست منتهية بتاتا وانه يجب بذل جهود كبيرة لإقناع الجمهور وإذا لم يحظ الاتفاق بدعم الجمهور والكنيست فلن يكون هناك اتفاق«. واعتبر ليفي ان دمشق »شددت مواقفها«وقال ان الوفد الإسرائيلي سيطالب »بمشاركة الرئيس الأسد في المفاوضات« المقبلة نظرا لقدرته على اتخاذ القرار. من جهة أخرى اكد وزير الامن العام الإسرائيلي شلومو بن عامي في مقابلة مع صحيفة »الرأي العام« الكويتية ان إسرائيل تعترف بدور دمشق الخاص في لبنان لكن لا يمكن التفاوض معها حول مستقبله، متوقعا في الوقت ذاته ان يكون السلام مع سوريا »دافئا«. وأعرب الوزير الإسرائيلي عن اعتقاده بأنه »لا يمكن التفاوض حول مستقبل لبنان مع سوريا ولا اعتقد ان ذلك امر مشروع او مقبول من المجتمع الدولي لكننا نعترف مع ذلك بأن لدمشق دورها الخاص في لبنان«. واشار الى احتمال حصول الانسحاب الإسرائيلي من »لبنان قبل الصيف المقبل«. واعتبر بن عامي من جهة اخرى ان »السلام مع سوريا يشكل نافذة إسرائيل لاستكمال وتوسيع نطاق عملية التطبيع مع الدول العربية خصوصا وان دمشق كانت المعارض الرئيسي لذلك قبل بدء التفاوض معها«.

البحث في الأرشيف الكامل لجريدة "السفير" safir small logo

الكلمات الدالة